responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3366
بِأَنْ يَدْعُوَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِمُقَاتَلَتِكُمْ وَكَسْرِ شَوْكَتِكُمْ وَسَلْبِ مَا مَلَكْتُمُوهُ مِنَ الدِّيَارِ وَالْأَمْوَالِ (كَمَا تَدَاعَى) أَيْ: تَتَدَاعَى (الْأَكَلَةُ) بِالْمَدِّ، وَهِيَ الرِّوَايَةُ عَلَى نَعْتِ الْفِئَةِ وَالْجَمَاعَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، كَذَا رَوَى لَنَا عَنْ كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَفْرَادِهِ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَلَوْ رُوِيَ الْأَكَلَةُ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ آكِلٍ اسْمِ فَاعِلٍ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ، وَالْمَعْنَى: كَمَا يَدْعُو أَكَلَةُ الطَّعَامِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا (إِلَى قَصْعَتِهَا) أَيِ: الَّتِي يَتَنَاوَلُونَ مِنْهَا بِلَا مَانِعٍ وَلَا مُنَازِعٍ، فَيَأْكُلُونَهَا عَفْوًا صَفْوًا، كَذَلِكَ يَأْخُذُونَ مَا فِي أَيْدِيكُمْ بِلَا تَعَبٍ يَنَالُهُمْ، أَوْ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُمْ، أَوْ بَأْسٍ يَمْنَعُهُمْ.
(فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ) : خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَقَوْلُهُ: (نَحْنُ يَوْمَئِذٍ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ صِفَةٌ لَهَا، أَيْ: أَذَلِكَ التَّدَاعِي لِأَجْلِ قِلَّةٍ نَحْنُ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ (قَالَ: " بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثْرَةٌ ") أَيْ: عَدَدًا وَقَلِيلٌ مَدَدًا، وَهَذَا مَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ بِقَوْلِهِ: (" وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ ") بِالضَّمِّ مَمْدُودًا.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (" كَغُثَاءِ السَّيْلِ ") : قَالَ الطِّيبِيُّ بِالتَّشْدِيدِ أَيْضًا مَا يَحْمِلُهُ السَّيْلُ مِنْ زَبَدٍ وَوَسَخٍ، شَبَّهَهُمْ بِهِ لِقِلَّةِ شَجَاعَتِهِمْ، وَدَنَاءَةِ قَدْرِهِمْ، وَخِفَّةِ أَحْلَامِهِمْ، وَخُلَاصَتُهُ: وَلَكِنَّكُمْ تَكُونُونَ مُتَفَرِّقِينَ، ضَعِيفِي الْحَالِ، خَفِيفِي الْبَالِ، مُشَتَّتِي الْآمَالِ، ثُمَّ ذَكَرَ سَبَبَهُ بِعَطْفِ الْبَيَانِ فَقَالَ: (وَلَيَنْزِعَنَّ) أَيْ: لَيُخْرِجَنَّ (اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ) أَيِ: الْخَوْفَ وَالرُّعْبَ (مِنْكُمْ) أَيْ: مِنْ جِهَتِكُمْ (" وَلَيَقْذِفَنَّ ") بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ: وَلَيَرْمِيَنَّ أَيِ: اللَّهُ (" فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ ") أَيِ: الضَّعْفَ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَهْنِ مَا يُوجِبُهُ ; وَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا وَكَرَاهَةِ الْمَوْتِ حَيْثُ قَالَ: (قَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا الْوَهْنُ) ؟ أَيْ مَا سَبَبُهُ وَمَا مُوجِبُهُ؟ قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: سُؤَالٌ عَنْ نَوْعِ الْوَهْنِ، أَوْ كَأَنَّهُ أَرَادَ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ يَكُونُ ذَلِكَ الْوَهْنُ (قَالَ: " حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهَةُ الْمَوْتِ ") وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ فَكَأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، يَدْعُوهُمْ إِلَى إِعْطَاءِ الدَّنِيَّةِ فِي الدِّينِ مِنَ الْعَدُوِّ الْمُبِينِ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَقَدِ ابْتُلِينَا بِذَلِكَ، فَكَأَنَّمَا نَحْنُ الْمَيِّتُونَ بِمَا ذُكِرَ هُنَالِكَ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) ، أَيْ فِي سُنَنِهِ (وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ ") .

[بَابُ التَّحْذِيرِ مِنَ الْفِتَنِ]

الْفَصْلُ الثَّالِثُ
5370 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: " مَا ظَهَرَ الْغُلُولُ فِي قَوْمٍ إِلَّا أَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وَلَا فَشَا الزِّنَا فِي قَوْمٍ إِلَّا كَثُرَ فِيهِمُ الْمَوْتُ، وَلَا نَقَصَ قَوْمُ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا قَطَعَ عَنْهُمُ الرِّزْقَ، وَلَا حَكَمَ قَوْمٌ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الدَّمُ، وَلَا خَتَرَ قَوْمٌ بِالْعَهْدِ إِلَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمُ الْعَدُوُّ ". رَوَاهُ مَالِكٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
5370 - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) أَيْ: مَوْقُوفًا (قَالَ: " مَا ظَهَرَ الْغُلُولُ ") بِالضَّمِّ أَيْ: خِيَانَةُ الْمَغْنَمِ (" فِي قَوْمٍ إِلَّا أَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ") بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا أَيْ: خَوْفَ الْعَدُوِّ (" وَلَا فَشَا الزِّنَا ") أَيِ: انْتَشَرَ (" فِي قَوْمٍ إِلَّا كَثُرَ فِيهِمُ الْمَوْتُ ") أَيْ: بِالْوَبَاءِ أَوِ الطَّاعُونِ أَوْ مَوْتِ الْقَلْبِ أَوْ مَوْتِ الْعُلَمَاءِ (" وَلَا نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ") أَيْ: وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالذِّرَاعِ وَالْعَدَدِ مِنْ طَرِيقِ الْغِشِّ وَالْخَدِيعَةِ (" إِلَّا قَطَعَ عَنْهُمُ الرِّزْقَ ") أَيِ: الْحَلَالَ أَوْ بَرَكَةَ الرِّزْقِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ (" وَلَا حَكَمَ قَوْمٌ ") أَيْ: مِنَ الْحُكَّامِ (" بِغَيْرِ حَقٍّ ") أَيْ: بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ أَوْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فِي أَحْكَامِهِمُ الْفَاسِدَةِ، بَلْ آرَائِهِمُ الْكَاسِدَةِ (" إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الدَّمُ ") أَيِ: الْقَتْلُ، وَالْمُرَادُ مَا يَنْجَرُّ إِلَيْهِ (" وَلَا خَتَرَ ") بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَوْقِيَّةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [لقمان: 32] أَيْ: غَدَرَ (" قَوْمٌ بِالْعَهْدِ ") أَيْ: يَنْقُضُهُ خَدِيعَةً رَجَاءَ الْغَلَبَةِ (" إِلَّا سُلِّطَ ") بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: بِتَسْلِيطِ اللَّهِ (" عَلَيْهِمُ الْعَدُوُّ ". رَوَاهُ مَالِكٌ) أَيْ: فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الْغُلُولِ مِنَ الْمُوَطَّأِ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3366
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست